رشاقة البنات في الفاكهة والخضراوات
وتكبر البنت.. وتنمو في الجسد.. ويأتي "خراط البنات" لكي يشكل منها فتاة جميلة، مياسة القد، نجلاء العينين، غجرية الشعر.. و.. و.. وكل صفات "بنت السلطان" المنتظرة فتي الأحلام الذي سوف يجيء ليخطفها على حصان أبيض. ولكن في الوقت الذي يتشكل جسدها تزدحم مخيلتها بالنماذج التي يجب أن يكون عليها شكل هذا الجسد. موديلات الفيديو كليب، وعارضات الازياء، وفنانات السينما والتليفزيون.. كلها صور تقول للبنت يجب أن تكوني كذلك.. يجب أن تصبي في هذا القالب أو ذاك لكي يرضى عنك الناس، والمعجبين، وعريس المستقبل. وقديما كان الناس في الصين يضعون أقدام البنات الصغيرات في قوالب حديدية حتى تظل في حجم أقدام الطفولة الصغيرة، وكان هذا معيار الجمال في المجتمع. والآن وعلى مستوى العالم كله.. يتم صب أجساد الفتيات في قالب من ضغوط إعلامية كي تأتي كل الفتيات بصورة واحدة أقرب للنحافة منها للرشاقة، حيث الأكتاف ضئيلة والصدر نحيل والبطن ممصوص.
ولكني أشفق عليك يا بنتي من كل هذا المناخ الذي يريد أن يشكل جسدك ولو على حساب صحتك. كما أشفق عليك من أخطاء ارتكبها البيت في حقك وأنت صغيرة، وزرعها فيك سلوكيات غذائية وأنت كبيرة لا تستطيعين منها فكاكا، والنتيجة.. أنك قد تنخدعين وراء وسائل وطرق للحصول على الرشاقة، وأجهزة مشكوك في جدواها، وملابس ومشدات قد تعيق نموك وتنفسك، بل وأنظمة غذائية قد تؤثر على صحتك.
يا ابنتي.. أخطأ البيت في حقك عندما كان يكافئك على البسمة بقالب من الشوكولاتة، وعلى الضحكة بطبق من البسبوسة، وعلى الحصول على عشرة من عشرة في الإملاء بتورتة كبيرة. وكانت "ماما" تقول لك كلي هذا اذا كنت تحبينني، مما ربط بين الحب والأكل، والآن أنت تأكلين لأنك تحبين نفسك. كما أخطأ البيت عندما علمك أن العطش يرتوي بالمشروبات الغازية والعصائر بديلا عن الماء، وأن قضاء الوقت يكون بالتسلي بالشيبس والمقرمشات بديلا عن القراءة أو ممارسة الرياضة أو الاستماع للموسيقى، أو حتى مشاهدة التليفزيون، بل ان هذه المشاهدة ارتبطت دائما بشيء نلوكه في الفم للتسلية من مكسرات ولب وسوداني. ليس هذا فقط، بل كانت "ماما" تشكو لطوب الأرض انك لا تأكلين ولا تحبين الأكل، مهما كانت درجة شبعك، وربطت الأم دائما بين امتلاء وجهك، وسمنة جسدك كالبطة وبين الصحة والعافية. وحتى تتأكد "ماما" انك تأكلين جيدا، كانت تسمح لك بطلب الوجبات السريعة التي أحببتها ككل الأطفال، وأحيانا بدون استئذانها، المهم أنك تأكلين وخلاص..
والآن يا ابنتي.. أصبحت فتاة جميلة، وان كنت ممتلئة الجسم قليلا، وذهنك محاصر بصور موديلات الفيديو كليب "الجلد على عضم "، وأنت تريدين أن تكوني مثلهم، ولم لا ؟ وكل وسائل الإعلام مصرة على أن هذا هو الجمال، وهذه هي الرشاقة..
بداية، أنت لا تطيقين البعد عن الوجبات السريعة الممتلئة بالدهون والنشويات، ولا تستطيعين التوقف عن أكل الشوكولاتة التي تعشقينها، والتي ارتبطت في ذهنك بالمكافأة على كل انجاز في حياتك، من أول الضحكة لبابا، وحتى الحصول على مجموع كبير في الثانوية العامة. ثم أنك لا تحبين ممارسة الرياضة، التي تتطلب وقتا وجهدا، والوقت غير موجود، فأنت تقضين معظم ساعات الليل وحتى الفجر أمام الكمبيوتر وفي جلسات الدردشة الإلكترونية مع أصدقاء من كل الدنيا.